الفصل الثّالث
شفاء رجل كسيح
1 وذَهَبَ بُطرُسُ ويوحنّا، ذاتَ يومٍ، إلى الحَرَمِ الشَّريفِ لأداءِ صَلاةِ العَصرِ،* كان اليهود يؤدّون صلواتهم في أوقات معيّنة يوميًّا في منازلهم. فالنبي دانيال، على سبيل المثال، كان يقيم ثلاث صلوات يوميًا في داره (دانيال 6: 10). اثنتان منها متزامنتان مع وقت تقديم الأضاحي في حرم بيت الله في القدس، صباحًا وحوالي الثالثة عصرًا، وأمّا الصلاة الثالثة فكان يقيمها ظهرًا في داره. وقد كان لليهود صلاة خاصة ببعض المناسبات يقيمونها في حرم بيت الله. 2 وإذا بِبَعضِ النّاسِ يَحمِلونَ رَجُلاً كَسيحًا مُنذُ وِلادتِهِ، كانوا يَضَعونَهُ كُلَّ يومٍ عِندَ بابِ الحَرَمِ - البابِ الجَميل- لاستِجداءِ الدّاخِلينَ.† كان لا يحقُّ لليهود المعاقين دخول ساحة بني يعقوب من حرم بيت الله، بل كان مسموحا لهم أن يدخلوا ساحة غير اليهود في الحرم. 3 وعِندَما وَقَعَ نَظَرُهُ على بُطرُسَ ويوحنّا طَلَبَ مِنهُما صَدَقةً، 4 ولكنّهُما تَفَرَّسا في وَجهِ الرَّجُلِ، ثُمَّ قالَ لهُ بُطرُسُ: “اُنظُرْ إلينا!” 5 ونَظَرَ إليهِما الرَّجُلُ ظانًّا أنّهُ سيَحظى بعَطِيةٍ، 6 ولكنَّ بُطرُسَ خاطَبَهُ قائلاً: “لَيسَ لديّ مِن فِضَّةٍ ولا ذَهَبٍ، ولكن سأُعطيكَ ما عِندي: باسمِ عيسى المَسيحِ النَّاصِريّ انهَضْ ماشيًا على قَدَمَيكَ!” 7 وأمسَكَ بيَدِهِ اليُمنى فأجلسَهُ، وحالاًّ سَرَتِ العافيةُ في قَدَمَيِ الرَّجُلِ وكَعبَيهِ، 8 فقَفَزَ واقفًا وأخَذَ يَخطو، ودَخَلَ مَعَهُما حَرَمَ بَيتِ اللهِ ماشيًا تارةً وقافِزًا تارةً أُخرى فَرَحًا، مُسَبِّحًا للهِ، 9 فرآهُ جَميعُ مَن كانَ في الحَرَمِ ماشيًا مُسبِّحًا شاكِرًا اللهَ، 10 وقد عَرَفوا أنّهُ ذلِكَ المُتَسَوِّلُ الّذي كانَ يَجلِسُ باستِمرارٍ عِندَ البابِ الجَميلِ، فأصَابَتهُم الدَّهشةُ والذُّهولُ.
بطرس يوضّح ما حصل
11 وبَينَما كانَ ذلِكَ الرَّجُلُ يُلازِمُ بُطرُسَ ويوحنّا في قاعةِ سُليمانَ في الحَرَمِ الشَّريفِ، أخَذَ النّاسُ يَتَوافَدونَ عليهِم وعلى وُجوهِهِم عَلاماتُ التَّعَجُّبِ والذُّهولِ، 12 ولمّا لاحَظَ بُطرُسُ ذلِكَ، تَوَجَّهَ إليهِم قائِلاً: “يا بَني يَعقوبَ، لِمَ أخَذَ مِنكُم العَجَبُ هذا المأخذَ؟ ولِمَ تُحَدِّقونَ بنا كَما لو أنّنا بِقُدرتِنا أو بِتَقوانا جَعَلنا هذا الكَسيحَ يَمشي؟ 13-16 هذا الرَّجُلُ الّذي تَعرِفونَهُ لم يَتَعافَ أمامَكُم إلاّ بِشَفاعةِ سَيِّدِنا عيسى، الّذي آمَنّا بِهِ وطَلَبنا مِنهُ الشِّفاءَ تَمجيدًا لهُ. عيسى الّذي قَبَضتُم عليهِ وسَلَّمتُموهُ إلى الحاكمِ الرُّومانيّ بيلاطُسَ لإعدامِهِ. ومَعَ أنّ بيلاطُسَ قَرَّرَ إطلاقَ سَراحِهِ، فأنتُم رَفَضتُم المَسيحَ المُصطَفى الصّالِحَ، وآثَرتُم طَلَبَ العَفوِ عن سَفّاكِ دِماءٍ! نَعَم، أنتُم مَن قُمتُم بقَتلِ مَن يَقودُ النّاسَ إلى دارِ الخُلدِ، إلاّ أنّ اللهَ تَعالى بَعَثَهُ حيًّا، ونحنُ على ذلِكَ شُهودٌ. أقولُ لكُم إنّ اللهَ رَبَّ آبائِنا الأوّلينَ، إبراهيمَ وإسحقَ ويَعقوبَ، رَفَعَ مِن شأنِ عَبدِهِ عيسى.
17 أيُّها الإخوانُ، أنا على عِلمٍ بأنّ كُلَّ ما اقترَفتُموهُ مِن أعمالٍ، أنتُم وقادتُكُم، إنّما كانَ عَن جَهلٍ. 18 ولكنّ اللهَ نَفّذَ وَعدَهُ لِقاءَ أعمالِكُم الّتي تَنَبَّأ بِها جَميعُ الأنبياءِ وهي أنّهُ لا بُدَّ للمَسيحِ المُختارِ أن يُقاسي كُلَّ تِلكَ الآلامِ، 19 فأقلِعوا عنِ الأعمالِ السَّيِّئةِ، وأنيبوا إلى اللهِ يَغفِرْ لكُم ذُنوبَكُم، 20 ويَأتيكُم الفَرَجُ مِن عِندِهِ، فيُرسِلَ إليكُم المَسيحَ المَلِكَ الّذي اختارَهُ لكُم، وهو عيسى، 21 الّذي يَجِبُ أن يَبقى في السّماءِ إلى أن يَحينَ زَمَنُ تَجديدِ كُلِّ شَيءٍ. إنّ هذا ما أوحَى اللهُ بِهِ قَديمًا إلى أنبيائِهِ الصّالحِينَ، 22 فقد تَنَبَّأ النَّبيُّ موسى (عليه السّلام) قائلاً: “سيَبعَثُ اللهُ مِن بَينِ شَعبِكُم نَبيًّا مِثلي، وعليكُم طاعتَهُ فيما يَقولُهُ، 23 وكُلُّ عاصٍ لهُ، يَجِبُ أن يُطرَدَ ويَموتَ بَعيدًا عن أُمّةِ اللهِ”. 24 وبَعدَ عَهدِ النَّبيِّ موسى، تَنَبَّأ جَميعُ الأنبياءِ، بَدءًا مِنَ النَّبيّ صَموئِيلَ ومَن جاؤوا بَعدَهُ تِباعًا، بالأحداثِ الّتي تَجرِي في هذِهِ الأيّام. 25 فأنتُم وَرَثَةُ الأنبياءِ، ووَرَثةُ المِيثاقِ الّذي أعطاهُ اللهُ لآبائِكُم الأوّلينَ. وهذا ما أخبَرَ اللهُ بِهِ النَّبيَّ إبراهيمَ (عليه السّلام): “بفَضلِ واحدٍ مِن نَسلِكَ سيَعُمُّ جُودي على كُلِّ شُعوبِ الأرضِ”. 26 فيا بَني يَعقوبَ، إنّ اللهَ اختارَ عَبدَهُ عيسى فأرسَلَهُ إليكُم أنتُم أوّلاً، قَبلَ بَقيَّةِ البَشَرِ، حتّى تَعُمَّ بَرَكاتُهُ عليكُم فيَتوبَ كُلُّ واحدٍ مِنكُم عن آثامِهِ”.
*الفصل الثّالث:1 كان اليهود يؤدّون صلواتهم في أوقات معيّنة يوميًّا في منازلهم. فالنبي دانيال، على سبيل المثال، كان يقيم ثلاث صلوات يوميًا في داره (دانيال 6: 10). اثنتان منها متزامنتان مع وقت تقديم الأضاحي في حرم بيت الله في القدس، صباحًا وحوالي الثالثة عصرًا، وأمّا الصلاة الثالثة فكان يقيمها ظهرًا في داره. وقد كان لليهود صلاة خاصة ببعض المناسبات يقيمونها في حرم بيت الله.
†الفصل الثّالث:2 كان لا يحقُّ لليهود المعاقين دخول ساحة بني يعقوب من حرم بيت الله، بل كان مسموحا لهم أن يدخلوا ساحة غير اليهود في الحرم.