كتابُ حَجَّي
تم تدوين هذا الكتاب بإرشاد الروح القدس في نحو سنة 520 ق. م. وكان حجي معاصرا للنبي زكريا، وقد أرسلهما الله لتشجيع المسبيين العائدين من الأسر لاستكمال مشروع بناء الهيكل. كانت رسائلهما موجهة لقائدي الشعب زربابل ويهوشع الكاهن. يشتمل الكتاب على خمس نبوءات تستهدف تشجيع الشعب على الإسراع في إتمام العمل. فكان لهذه الرسائل التأثير المطلوب؛ وتم إعادة تدشين الهيكل في سنة 516ق. م. يعكس لنا هذا الكتاب مدى اهتمام الله بشؤُون شعبه ورغبته العميقة في نموهم الروحي. لقد توقف الشعب عن العمل في بناء الهيكل وانهمكوا في شؤُونهم الخاصة، غير أن الله أراد منهم أن يتمموا بناء الهيكل ليكون مكان عبادة من أجل صالح الأُمة بأسرها. لقد وضع الله حدا لشكوى الشعب من أن الهيكل الجديد لن يكون في عظمة الهيكل القديم حين وعد أن يملأ المكان بمجده.
١
١ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِحُكْمِ دَارِيُّوسَ الْمَلِكِ، فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ السَّادِسِ (أَيْ شَهْرِ آبِ - أُوغُسْطُسَ)، بَعَثَ الرَّبُّ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ حَجَّيِ إِلَى زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ حَاكِمِ يَهُوذَا، وَإِلَى يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادِقَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ قَائِلاً: ٢ «هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: قَدْ قَالَ هَذَا الشَّعْبُ إِنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَحِنْ بَعْدُ لِبِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ». ٣ فَأَوْحَى الرَّبُّ بِكَلِمَتِهِ هَذِهِ إِلَى النَّبِيِّ حَجَّيِ قَائِلاً: ٤ «هَلْ حَانَ الْوَقْتُ الَّذِي فِيهِ تُقِيمُونَ فِي بُيُوتٍ مُغَشَّاةٍ بِأَلْوَاحٍ بَيْنَمَا هَذَا الْبَيْتُ مَا بَرِحَ مُهَدَّماً؟» ٥ وَالآنَ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «تَأَمَّلُوا فِيمَا فَعَلْتُمْ: ٦ لَقَدْ زَرَعْتُمْ كَثِيراً وَحَصَدْتُمْ قَلِيلاً. أَكَلْتُمْ وَلَمْ تَشْبَعُوا. شَرِبْتُمْ وَلَمْ تَرْتَوُوا. اكْتَسَيْتُمْ وَلَمْ تَسْتَدْفِئُوا. وَالَّذِي يَأْخُذُ أُجْرَةً سَرْعَانَ مَا تَتَبَدَّدُ أُجْرَتُهُ، وَكَأَنَّهَا وُضِعَتْ فِي صُرَّةٍ مَثْقُوبَةٍ». ٧ هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: «تَأَمَّلُوا فِيمَا فَعَلْتُمْ: ٨ اصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ وَاجْلُبُوا خَشَباً وَشَيِّدُوا الْهَيْكَلَ فَأَرْضَى عَنْهُ وَأَتَمَجَّدَ، قَالَ الرَّبُّ. ٩ لَقَدْ تَوَقَّعْتُمْ كَثِيراً فَحَصَلْتُمْ عَلَى قَلِيلٍ، وَمَا أَتَيْتُمْ بِهِ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ غَلَّةٍ نَفَخْتُ عَلَيْهِ وَبَدَّدْتُهُ. لِمَاذَا فَعَلْتُ هَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ؟ مِنْ أَجْلِ بَيْتِي الَّذِي مَا بَرِحَ مُهَدَّماً بَيْنَمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مُنْهَمِكٌ فِي بِنَاءِ بَيْتِهِ. ١٠ لِذَلِكَ مَنَعَتِ السَّمَاءُ مِنْ فَوْقُ عَنْكُمُ النَّدَى، وَمَنَعَتِ الأَرْضُ غَلَّتَهَا. ١١ وَقَضَيْتُ بِالْقَحْطِ عَلَى الأَرْضِ وَالتِّلاَلِ، وَعَلَى حُقُولِ الْحِنْطَةِ وَالْكُرُومِ، وَأَشْجَارِ الزَّيْتُونِ وَعَلَى كُلِّ مَا تُنْتِجُهُ الأَرْضُ، وَعَلَى النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ تَعَبِ أَيْدِيكُمْ». ١٢ حِينَئِذٍ أَطَاعَ زَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلْتِيئِيلَ وَيَهُوشَعُ بْنُ يَهُوصَادِقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ، وَسَائِرُ بَقِيَّةِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهِهِمْ، وَاسْتَمَعُوا إِلَى كَلِمَاتِ حَجَّيِ النَّبِيِّ، كَمَا بَعَثَهُ الرَّبُّ إِلَهُهُمْ إِلَيْهِمْ، فَاعْتَرَى الْخَوْفُ الشَّعْبَ فِي مَحْضَرِ اللهِ. ١٣ ثُمَّ أَبْلَغَ حَجَّي رَسُولُ الرَّبِّ، الشَّعْبَ رِسَالَةَ الرَّبِّ قَائِلاً: «أَنَا مَعَكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ». ١٤ وَبَثَّ الرَّبُّ الْهِمَّةَ فِي نَفْسِ زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ حَاكِمِ يَهُوذَا وَنَفْسِ يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادِقَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَنُفُوسِ سَائِرِ بَقِيَّةِ الشَّعْبِ، فَتَوَافَدُوا وَبَاشَرُوا الْعَمَلَ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ الْقَدِيرِ إِلَهِهِمْ. ١٥ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ السَّادِسِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ حُكْمِ الْمَلِكِ دَارِيُّوسَ.