كتابُ الخُرُوج
تم تدوين هذا الكتاب بوحي إلهي في نفس الفتْرة التي سجل فيها موسى الوحي المُقَدَّس لكتاب التكْوين، وقد عالج مُوسَى بعض الحقائق الهامة التي لها مساس مباشر بظهور بني إسرائيل كأُمة. يعرض هذا الكتاب إلى سيرة موسى وقيادته الرشيدة بعد أن اصطفاه الله ليكون قائدا لبني إسرائيل يُخرجهم من مصر. ويرد فيه أيضا وصف للضربات العشر التي أنزلها الله بمصر عقابا لفرعون الذي لم يذعن لأَمر الرب. وفي أثناء الضربة العاشرة تم تأسيس الاحتفال بعيد الفِصْحِ ومن ثم أصبح، تذكاراً لإنقاذ الله الشعب من قيود العبودية وقد احتفل به الإسرائيليون في مختلف أجيالهم. وعبر بَنُو إسرائيل البحر الأَحمر وبلغوا جبل سيناء حيث أعطاهم الرب الوصايا العشر وتصميمات بناء خيمة الاجتماع، كما جدد عهده معهم. يدور موضوع هذا الكتاب حول قوة الله وسيادته على البشر. وقد تجلت هذه الحقيقة عندما حرر الله شعب إسرائيل من العبودية. ولكن الله يتوقع من المؤمنين به أنْ يعبدوه ويتكلوا عليه ويطيعوه؛ لهذا فإن العبادة في خيمة الاجتماع وَمُرَاعاة الشريعة كانا مظهرين من مظاهر طاعة الشعب لله. وفي العهد الجديد كان المسيح هو حمل الفصح فَصُلب ليكون كفَّارة عنا وفدية لنفوسنا.
١
١ وَهَذِهِ هِيَ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ قَدِمُوا مَعَ يَعْقُوبَ إِلَى مِصْرَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ. ٢ رَأُوبَيْنُ، وَشِمْعُونُ، وَلاَوِي وَيَهُوذَا، ٣ وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ وَبَنْيَامِينُ، ٤ وَدَانُ وَنَفْتَالِي وَجَادُ وَأَشِيرُ. ٥ وَكَانَتْ جُمْلَةُ النُّفُوسِ الْمَوْلُودِينَ مِنْ صُلْبِ يَعْقُوبَ سَبْعِينَ نَفْساً. أَمَّا يُوسُفُ فَقَدْ كَانَ فِي مِصْرَ. ٦ ثُمَّ مَاتَ يُوسُفُ وَإِخْوَتُهُ جَمِيعاً وَكَذَلِكَ سَائِرُ ذَلِكَ الْجِيلِ. ٧ وَنَمَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَتَوَالَدُوا وَتَكَاثَرُوا وَعَظُمُوا جِدّاً حَتَّى اكْتَظَّتْ بِهِمِ الأَرْضُ. ٨ وَمَا لَبِثَ أَنْ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. ٩ فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هَا بَنُو إِسْرَائِيلَ أَكْثَرُ مِنَّا وَأَعْظَمُ قُوَّةً. ١٠ فَلْنَتَآمَرْ عَلَيْهِمْ لِكَيْلاَ يَتَكَاثَرُوا وَيَنْضَمُّوا إِلَى أَعْدَائِنَا إِذَا نَشَبَ قِتَالٌ وَيُحَارِبُونَا ثُمَّ يَخْرُجُوا مِنَ الأَرْضِ». ١١ فَعَهِدُوا بِهِمْ إِلَى مُشْرِفِينَ عُتَاةٍ لِيُسَخِّرُوهُمْ بِالأَعْمَالِ الشَّاقَةِ. فَبَنَوْا مَدِينَتَيْ فِيثُومَ وَرَعَمْسِيسَ لِتَكُونَا مَخَازِنَ لِفِرْعَوْنَ. ١٢ وَلَكِنْ كُلَّمَا زَادُوا مِنْ إذْلاَلِهِمْ، اِزْدَادَ تَكَاثُرُهُمْ وَنُمُوُّهُمْ، فَتَخَوَّفُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ١٣ فَتَزَايَدَ عُنْفُ اسْتِعْبَادِ الْمِصْرِيِّينَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. ١٤ وَأَتْعَسُوا حَيَاتَهُمْ بالأَعْمَالِ الشَّاقَةِ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ كَادِحِينَ فِي الْحُقُولِ. وسَخَّرَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ بِعُنْفٍ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِمِ الشَّاقَةِ. ١٥ ثُمَّ قَالَ مَلِكُ مِصْرَ لِلْقَابِلَتَيْنِ الْعِبْرَانِيَّتَيْنِ الْمَدْعُوَّتَيْنِ شِفْرَةَ وَفُوعَةَ: ١٦ «عِنْدَمَا تُشْرِفَانِ عَلَى تَوْلِيدِ النِّسَاءِ الْعِبْرَانِيَّاتِ رَاقِبَاهُنَّ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلادَةِ، فَإنْ كَانَ الْمَوْلُودُ صَبِيّاً فَاقْتُلاهُ، وَإنْ كَانَ بِنْتاً فاتْرُكَاهَا تَحْيَا. ١٧ غَيْرَ أَنَّ الْقَابِلَتَيْنِ كَانَتَا تَخَافَانِ اللهَ فَلَمْ تُنَفِّذَا أَمْرَ الْمَلِكِ فاسْتَحْيَتَا الأَطْفَالَ الذُّكُورَ. ١٨ فَاسْتَدْعَى مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَسَأَلَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هَذَا الأَمْرَ واسْتَحْيَيْتُمَا الأَطْفَالَ الذُّكُورَ؟» ١٩ فَأَجَابَتَاهُ: «إنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ، فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ وُصُولِ الْقَابِلَةِ إِلَيْهِنَّ». ٢٠ وَتَكَاثَرَ الشَّعْبُ وَعَظُمَ جِدّاً. ٢١ وَإِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَثَابَهُمَا بِنَسْلٍ. ٢٢ ثُمَّ أَصْدَرَ فِرْعَوْنُ أَمْرَهُ لِجَمِيعِ شَعْبِهِ قَائِلاً: «اطْرَحُوا كُلَّ ابْنٍ (عِبْرَانِيٍّ) يُوْلَدُ فِي النَّهْرِ، أَمَّا الْبَنَاتُ فَاسْتَحْيُوهُنَّ».