الفصل الثّاني
لا تفرقة في حكم الله
1 أمّا أنتُم يا مَن تَستَمِعونَ إلى رِسالتِي مِن بَني يَعقوبَ، إن أدَنتُم هَؤلاءِ الأغرابَ الوَثَنيّينَ، فقد أدنتُم أنفُسَكُم أيضًا لأنّكُم تَتَشَبَّهونَ بِهِم في أعمالِهِم، ولا عُذرَ لكُم في ذلِكَ! فإذا طالَبتُم بعِقابِ هؤلاءِ الأغرابِ، فإنّكُم تَستَحِقّونَ عَينَ العِقابِ، لأنّكُم تَرتَكِبونَ السَّيّئَاتِ نَفسَها!
* 2 ونَحن نَعلَمُ أنّ اللهَ يُدينُ بالعَدلِ كُلَّ مَن يَقتَرِفُ هذِهِ الآثامَ.
3 فهل تَظُنّونَ، وأنتم تُدينونَ مَن يَفعلُها، ثمّ تَرتَكِبونَ أعمالَهُم، أنّكُم ناجُونَ مِن عِقابِ اللهِ؟
4 أم هل تَستَهينونَ بمَن يَصبِرُ عليكُم كَثيرًا ويُعامِلُكُم بلُطفِهِ وصَبرِهِ تَعالى؟ ألا فاعلَموا أنّهُ كانَ لَطيفًا حَليمًا بكُم مِن أجلِ أن يَدفعَكُم إلى التَّوبةِ!
5 لكنّكُم بعِنادِكُم وغَلاظةِ رِقابِكُم تَجلِبونَ على أنفُسِكُم عِقابًا شَديدًا يَحِلُّ عليكُم يومَ الدِّينِ، يَومَ يُنزِلُ اللهُ غَضَبَهُ وجَزاءَهُ العَادِلَ على العالَمينَ.
6 إنّ اللهَ سيُجازي كُلاًّ على أعمالِهِ.
† 7 يُجازي بِدارِ الخُلدِ الَّذينَ يُواظِبونَ على الخَيرِ ويَهتَمّونَ بشَرَفِ الآخِرةِ وجَلالِها وبَقائِها، أكثَر مِن اهتِمامِهِم بهذِهِ الدُّنيا.
8 ويُسَلِّطُ غَضَبَهُ وغَيظَهُ على كُلِّ الَّذينَ تَمَرَّدوا عليهِ، أولئكَ الّذينَ رَفَضوا الحقَّ، واتَّبَعوا الباطِلَ.
9 إنّ للأشرارِ، يَهُودًا كانوا أم غَير يَهودٍ، وَيلاً وعَذابًا شَديدًا عِندَ اللهِ.
10 وإنّ اللهَ يَجعَلُ كُلَّ صاحِبِ خَيرٍ ذَا سَلامٍ شَرِيفًا مَهِيبًا، سَواءً كانَ يَهوديًّا أم غَير يَهوديّ،
11 فلا مُحاباةَ عِندَ اللهِ، وما هو بظَلاّمٍ لِلعَبيدِ.
12 ويُعاقِبُ اللهُ الأغرابَ الّذينَ يَقتَرِفونَ الذُّنوبَ، رَغمَ أنّهُم لم يَسمَعوا أبَدًا بإنذارِ التَّوراةِ، ويُعاقِبُ أيضًا كُلَّ مُذنبٍ تَحتَ حِمايةِ التّوراةِ، حَسَبَ ما وَرَدَ فيها. 13 فلا يَكفي أن يَعرِفَ النّاسُ التّوراةَ حتّى يَحصُلوا على مَرضاةِ اللهِ، بل مَن عَمِلَ بِتَعاليمِها يَنالُ مَرضاتَهُ تَعالى. 14 وغيرُ اليهودِ الّذينَ لا يَملِكونَ كِتابَ اللهِ، تَبدو آثارُهُ في حَياتِهم عِندَما يَتَّبِعونَ بالفِطرَةِ ما وَرَدَ في التّوراةِ، رَغمَ عَدم اطّلاعِهم عليها، 15 ويَكشِفونَ أنّ جَوهَرَ التَّوراةِ دَفينٌ في قُلوبِهِم، فإنّ ضَمائرَهُم وأفكارَهُم تُرشِدُهُم، فتَتَّهِمُهُم بالخَطإ حينًا، وتُدافِعُ عنهُم حينًا آخرَ. 16 كُلُّ هذا سيَظهَرُ جَليًّا يَومَ يُحاسِبُ اللهُ أَسرارَ النَّاسِ مِن خِلال سَيِّدِنا عِيسَى المَسيحِ. وهذا هو البَيانُ الرَّبّانيُّ البَشيرُ الّذي أُنادي بِهِ.
الدّخول إلى أُمّة الله لا يكون بشكليّات شريعة بني يعقوب
17 فاسمَعِ الآن، يا مَن تَفتَخِرُ بأنّكَ يَهوديٌّ! أنتَ تَستَكينُ لراحَةِ بالِكَ وضَميرِكَ، إذ تَعتَمِدُ على دِينِكَ أساسًا لِتُقبَلَ عِندَ اللهِ، وتَفتَخِرُ أنّ اللهَ رَبُّكَ دونَ الآخرينَ.
18 أَجَل، أنتَ تَعرفُ ما يُرضيهِ، وتُفَرِّقُ بَينَ الحقِّ والباطِلِ لأنّكَ تَعَلَّمتَ الكِتابَ وما فيهِ،
19 وأنتَ تَزعُمُ أنّكَ قائِدٌ لمَن كانَ أَعمى تَهديهِ، وأنّكَ تُنَوِّرُ دَربَ السّالِكينَ في سَوادِ أعمالِهِم،
20 مُدَّعِيًا أنّكَ مُرشِدٌ لِلجَهَلةِ، ومُعَلِّمٌ لِلبُسَطاءِ، لأنّكَ بَلَغتَ في التَّوراةِ حَقَّ اليَقينِ.
21 فابصِرْ، يا مَن تُرشِدُ غيرَكَ، لماذا لا تَكونُ لنَفسِكَ مُرشِدًا؟ فإذا نادَيتَ: “أَيُّها النّاسُ لا تَسرِقوا”. فهل يَحقُّ لكَ أن تَكونَ سارِقًا؟
22 وإذا رَدَّدتَ: “لا تَزنوا”. فهل يَجوزُ لكَ أن تَزني؟ أنتَ تَكرَهُ الأصنامَ، فهل يَحقُّ أن تَنهَبَ مَعابِدَ الوَثَنيّينَ؟
‡ 23 أَنتَ تَفتَخِرُ أَنَّكَ عالِمٌ بِكِتابِ اللهِ، ولكِنّكَ تُشَوِّهُ اسمَهُ بِعِصيانِكَ لأَوامِرِهِ تَعالى،
24 فقد جاءَ على لِسانِ النَّبيِّ أشعيا: “وإنَّكُم سَبَبٌ يَجعَلُ سائِرَ الأُمَمِ يَستَهينونَ بِاللهِ”.
§ 25 فابصِروا يا بَني يَعقوبَ، إنّ لِلخِتانِ قيمَةً حينَ تَعمَلونَ بِوَصايا التّوراةِ. أمّا إذا خالَفتُموها، فأنتُم كالوَثَنيِّ غَيرِ المَختونِ!
* 26 والأَغرابُ حينَ يَتَّبِعونَ التّوراةَ، وإن لم يَكونوا مَختونينَ كاليَهودِ، فإنّ اللهَ يَنظُرُ إليهِم كَما يَنظُرُ إلى المَختونينَ مِن أُمَّتِهِ!
27 فلا رَيبَ أنّ غَيرَ المَختونينَ الَّذينَ يَتَّبِعونَ مَقصَدَ التّوراةِ سَيُدينونَكُم لأنّكُم تتَمسَّكونَ بشَكليّاتِ التَّوراةِ والخِتانِ وتَترُكونَ مَقاصِدَهُما!
28 فالاِنتِماءُ إلى أُمَّةِ اللهِ لا يَتِمُّ حَسَبَ ظاهِرِ الشّخصِ ولا لأنّهُ يَهوديٌّ أو خُتِنَ خِتَانًا جَسَدِيٍّا،
29 بل يَنتَمي إلى أُمَّةِ اللهِ مَن أخلَصَ قلبُهُ للهِ. ولَيسَ ما تَفرِضُهُ التّقاليدُ عن الخِتانِ هو خِتانًا حَقيقيًّا، كَلاّ! بَلِ الخِتانُ أن يَتَطَهَّرَ قَلبُ الإنسانِ برُوحِ اللهِ طَهارَةً رُوحِيَّةً. ومَن كانَ طاهِرًا طُهرًا رَبّانيًّا، فقد يَغفَلُ عَنهُ النّاسُ ولكنّهُ عِندَ اللهِ يَكونُ مَرضيًّا.